قبل أو بعد مؤتمر البعث السوري: د. فاضل فضة

٢٠٠٥-٠٥-٣١

قبل أو بعد مؤتمر البعث السوري: د. فاضل فضة

لم يكن احد يتوقع ، قبل عدة أشهر من اليوم، خروج القوات السورية من لبنان نهائياً، ولم يكن بمخطط القيادة السورية الإنسحاب بهذا الشكل وهذه الطريقة. لذا فوجئ الجميع بالظرف التاريخي الحاسم، وسيناريو صيغ بشكل ذكي جدّاً من قبل جهات ذات خبرة طويلة في ترتيب مثل هذه الظروف السابقة لحدوثه، وتنفيذه من قبل اية جهة. نعم كانت الطريقة التي سارت بها الأمور من اداء افضل المخرجين غير المحليين طبعاً.
ما يدعو للحديث عن خروج سورية من لبنان ليس الفعل نفسه، بل الحالة الخاصة التي بني عليها هذا الإنسحاب، والعقلية التي فرض عليها إتخاذ قرار لم تكن جاهزة له ابداً، وهي هنا القيادة السورية الحالية.


واليوم، كأن العقلية القديمة عادت إلى سابق عهدها، إلى طريقة ادارة امور الدولة بظروف ماقبل هذا الإنسحاب، كأنها عادت إلى وضعها التقليدي الذي ادارت به شؤون الحكم في سورية منذ عدة عقود، من تشديد القبضة الأمنية، والقيام باعتقالات لناشطين عاديين لايشكلون أي خطر حقيقي على النظام، لإنهم يطالبون بإشياء اصبحت عادية في هذا الزمن من حرية الرأي، وحد نشاط الأجهزة الأمنية، واطلاق سراح المعتقلين، ومحاربة الفساد، والسماح بتشكيل احزاب جديدة، والغاء قانون الطوارئ.
والسؤال الآن: هل تحتاج القيادة السورية إلى حالة جديدة خاصة، والى ضغوط من نوع معين لتأخذ قرارات جدية بالتغيير الداخلي المطلوب؟ وهل تحتاج فعلاً إلى ظرف آخر، أو سيناريو من نوع مبتكر، يحدث في سورية، بشكل مشابه في نتائجه عليها لما حدث في لبنان بعد إغتيال الحريري، يرغم على هذا التغيير؟

مايحزن، أن بعض المسؤولين في الإدارة السورية، لا يرغب في رؤية أو تدارك الوضع بكل تفاصيله، وكأنه الصدمة الكبرى لما حدث في لبنان لم تعلم اصحاب القرار "المشتت على مايبدو" أي شئ. أو أن البعض مازال يعتقد أن الضغوط العالمية على سورية قد تخف عبر إجراء بعض التغييرات الشكلية في نظام الحكم باتجاه ديموقراطية على طريقة البعث "القائد"، معللين ذلك بخبرة تاريخية طويلة في الشدّ والجذب مع المحاور الأمريكي، الذي اغلق ابواب الحوار " هذه الأيام " معهاً.

ولا أدري أن كانت القيادة السورية قد نست، أو تناست ماحدث مع ياسر عرفات، والقرار الأمريكي بعزله ورفض محاورته، بصبر وأناة إلى لحظة وفاته. واليوم وبعد توقف التعاون بين سورية وأمريكا "مخابراتياً وأمنياً" وتطوير قانون العقوبات تدريجياً، هل يستمر النظام السوري في ادائه ونهج سياسات متزمتة في عدم الإستجابة لمطالب الشعب أولاً، والقيام بتغيير حقيقي واحداث إنفراجات جدية، هل يستمر في منهجية الدولة البوليسية وينسى العالم، وأمريكا وأوروبا خاصة، وهمه الأكبر ومحاولة تخفيف الضغوط عبر "واسطة غير مجدية كثيراً " عبر تفعيل الديبلوماسية العربية، التي لم تنفع سابقاً ابداً لكي تحدث المعجزة، ولتستمر طريقة الحكم، بهذا الشكل التاريخي المحنط؟ لا نعتقد، كل مايمكن القول: أن المشروع الغربي في الإستفادة من الظروف الخاصة بكل دولة عربية "حسب اخطائها، واخطاء سورية كثيرة اليوم"، محرك اساسي للدفع بعملية تغيير وتبديل الأنظمة العربية، اولدفعها باتجاه تغييرات تسمح بنزع الإحتقانات المتراكمة بعلاقتها مع شعوبها، على شرط ألا تتحول إلى ساحات لتطرف إسلامي مشابه لجماعة أبن لادن والقاعدة.

لذا، إذا اعتقد النظام السوري، أن امريكا قد تغض الطرف عن متابعة الضغوط على سورية، فإنه مخطئ تماماً. والسبب الحقيقي في أن التوقيت المناسب مع هذه الأجندة على كل الأصعدة، ليس مواتياً. لكن أمريكا، صاحبة السيناريوهات المتعددة والمبتكرة، لكل ظرف ولكل حقبة في هذا العصر، والتي لايتوقعها أذكى الأنظمة ، خاصة التي اعتادت على نمط تقليدي تاريخي قديم " عتيق" في الحكم ، تحاول ايجاد أوضاع وظروف، لتحقيق ماترغب القيام به، في توقيتها السحري "السري" دائماً قبل ظهوره. وما يحدث اليوم في لبنان وسورية والعراق، يدل، على أن الأمور تسير في هذا الإتجاه، اختلف الكثير مع هذا الرأي أم اتفق معه!

وبدلاً من ان تعمل السلطة الحالية بنداء العاقلين من النخب السورية في الداخل والخارج، مازالت عقلية القوة والسيطرة والتحكم لدى اصحاب القرار في النظام الشمولي السوري، مهيمنة، ومازالت الأجهزة الأمنية تحاول إبتكار طرق واساليب جديدة ، لاخماد الأصوات المطالبة باحداث التغيير. وبدلاً من القيام باجراءات حقيقية لالبس بها والمصالحة مع الشعب السوري واحزابه الممنوعة في الداخل، أو في المنفى، أو إنشاء مجلس أو مؤتمر "على مستوى الوطن" مؤلف من النزهاء في الداخل، وبعض اقطاب المعارضة والمستقلين في الخارج ، للقيام بتقديم اقتراحات جذرية للخروج من الأزمة الراهنة، وما قد ينتج عنها قريباً، مازالت بعض أراء القيادين في السلطة، تعتقد أن أمريكا لن تقوم بتدخل عسكري على سورية في هذه المرحلة. لذا يمكن في هذه الحالة، تخفيف ضغوطها، عبر بعض قرارات غير اساسية، لا تمس بنية النظام السوري، سطحية التأثير، لا أكثر.

وماذا لو دخلت القوات الأمريكية في الأراضي السورية عبر الحدود مع العراق،
وماذا لو اعلن بعض سكان مناطق الجزيرة السورية عصيانهم المدني وطالبوا بحماية القوات الأمريكية.
ألم يتم في الأونة الأخيرة لقاء لتجمع عديد من الأحزاب السورية في هذه المنطقة،
وهل صحيح أن القوات الأمريكية قد دخلت الأراضي السورية لمسافة 12 كيلو متر مؤخراً في علمية الماتادور! "حسب مصادر خاصة"!

إن من يحمل شرف الإنتماء لهذا الوطن، واجب عليه محاولة صد أي باب يدعو لحدوث فوضى "مشابهة لما يحدث في العراق" وبأي شكل.
لقد حكمت سلطة البعث "الوهمي" سورية، اكثر من اربعة عقود زمنية، ومازالت، تعتقد أن لها الحق في استمرارية هذا الحكم بكل معاييره الادائية الفاشلة بنتائجه على الأرض، بدون التساؤل عن مستوى الهدر الهائل لأموال الدولة والوطن، والتساؤل عن مستوى انتشار الفساد والسلبطة والمحسوبية، أوالتحكم الأمني بالشعب والناس وتدني اداء الدولة واجهزتها على كل الأصعدة.

لقد دفع الشعب السوري ثمناً غالياً جداً من تاريخه المعاصر بسبب راديكالية الإنتهازيين في حزب البعث ومن يلف اليوم في دائرتهم وطريقة تفكيرهم

"وعدم قدرة المبادئ النظرية والأيديولوجيات على دفع الإنسان السوري والعربي، بشكل عفوي أو إرادي لتطبيقها بشكل نبيل وحضاري، على أساس مصلحة المواطن والمجتمع" .

واليوم ألا يتوجب، على السلطة برجالها القدامي والجدد، الذين ساهموا بإيصال سورية إلى ماهي عليه اليوم، أن يتداركوا ماهو قادم من اخطار حقيقية عليها، ألا يتوجب عليهم إحداث التغييرات الجذرية في بنية النظام ذاته وبناء مؤسسات الدولة، وإذ لم يكن هناك من هو قادر على إدارة هذه الأزمة والحالة الصعبة، الا يجب عليهم السماح، أوافساح الطريق لمن هو قادر، ولمن يؤمن أن سورية هي الوطن الأول والأخير للقيادة وللشعب، وليس منطقة سياحية أو استثمارية وارضاً مفتوحة للغزو بإدوات ستالينية أو مملكة خاصة لتحالف المصالح الإقتصادية والقبلية والطائفية.

ألا يكفي مايحدث من اصرار ولا مبالاة في استمرار تشديد قبضة الأجهزة الأمنية، أو محاولة البعض تهريب الأموال "والمليارات" وإظهار حقيقتهم، امام الشعب السوري والعالم، أنهم لم يكونوا في أي يوم من الأيام مثل المواطن المخلص أو العادي، وأن الوطن لم يكن في حساباتهم، إلا مزرعة للربح السريع، يعمل بها مواطن مستعبد، عليها أن تثمر لهم، ولهم فقط، كما فعل عديد بالشعب السوري من الذين حكموها في السابق ولم يكونوا من اهلها!

ما قد يحدث في المستقبل قد يكون سيناريو جديد لا يتوقع احد كيف سيحبك، لكنه سيكون سيناريو يضاف إلى سلسلة مستحدثة في المنطقة، بدأت بحرب العراق مع ايران وما تبعها من احداث، تصلح لمسلسل تاريخي أكثر من طويل!
"الرأي / خاص"

السوريون يكسرون القاعدة الذهبية لنظامهم

السوريون يكسرون القاعدة الذهبية لنظامهم

منذر خدام

الحوار المتمدن

د. منذر خدام

يحاول السوريون هذه الأيام أن يكسروا القاعدة الذهبية، التي فرضها البعث كأساس لحكمه خلال أكثر من أربعة عقود من سيطرته على السلطة في سورية، وذلك من خلال محاولاتهم التفكير بصوت عال، باستعادتهم ملكة التساؤل، بل المطالبة أيضاً. فالسوري الجيد من منظور قادة البعث وحكام سورية، هو السوري الصامت، أو السوري الصاخب، لكن بلا تفكير، ذلك الذي يردد بالروح بالدم...وأمعاؤه خاوية، أو لا يجد عملاً، أو لا يحصل على راتبه إلا كل خامس، أو سابع شهر، وإذا حصل عليه يكفيه ثلث الشهر، وربما أكثر إذا أحسنت ربة البيت تدبير ميزانية الأسرة، بحصر مصروفاتها على الخبز وبعض الأعشاب.. لقد نجحت سلطة البعث، إلى درجة كبيرة، بالقمع والإفساد، في جعل الناس يصمتون، طيلة العقود الأربعة الماضية. نجحت في تحويلهم إلى كائنات غير سياسية، حدود تفكيرهم، ومواضيع اهتمامهم، يرسمها الطبيعي واليومي، يتسولون مكرمة أو عطاء، عند كل مناسبة.
لله درك أيها السوري كم تحملت، وكم عانيت، ولم تكفر بوطنك، ولم تخونه، بل كنت دوما ولسان حالك يأمرك: أن أصبر على ما أنت فيه من ضيق، ونقص في الخيرات والثروات، لأن جزء من أرض وطنك المقدسة لا يزال يحتلها عدو غاشم، وان بلدك مستهدف، وإنك أنت بالذات مستهدف لوطنيتك العالية، لعروبتك الزائدة...الخ. لقد جعلوك تستجيب لخطابهم طيلة العقود الماضية، فامتنعت عن التفكير، ولما تتعب نفسك؟!! فهناك من يفكر عنك، لا تتساءل فهناك من يتساءل عنك، لا تبحث عن أجوبة لتساؤلات الواقع الذي تعيش، فهاهم حكامك يجيبون عنك..الخ. لقد أنسوك (الأسماء كلها)، إلا اسم واحد: بالروح بالدم....
وفجأة، ويا للهول، سقط الشقيق التوأم، صاحب أم المعارك وأبنائها، كورقة صفراء، فكشف بسقوطه عورات الآخرين، ومنهم عورات الشقيق الوطني، فاستعادت الذاكرة منسياتها، تدافعت الأسماء كلها إلى الواجهة، أسئلة كثيرة كانت إلى حين مصادرة في حوزة مفوضية السلطة، سحبت منها لتوضع في عهدة أصحابها الحقيقيين..الخ. السوري اليوم يعيد اكتشاف ذاته، لقد نضج ما فيه الكفاية، لم يعد يقبل وضعية الشاهد (مشاف شي حاجة)، إنه يريد امتلاك زمام نفسه، يقرر مصيره، يدافع عن وطنه، يعيد بناءه، حراً، ديمقراطيا، قويا، ومزدهراً.
أيها .... يا حكام سورية!، الشعب لم يعد يصدقكم، ولم تعودوا قادرين على خداعه، إنه يطالبكم بكشف حساب عن فترة حكمكم له طيلة العقود الأربعة الماضية. إنه يحملكم المسؤولية عن إفقار وطنه، الذي يمتلك كل المقومات ليكون بلدا غنيا.ً إنه يسألكم سؤال العارف من أين لكم ما تملكون من ثروات مليارديرية؟!، هربتم أكثرها إلى خارج القطر، في حين أن أكثر من ثمانين بالمئة من الشعب يعيشون تحت خط الفقر السوري.
إنه يحملكم المسؤولية عن تجهيل أبنائه، عن سوء التعليم في مدارسه، وجامعاته. إنه يحملكم المسؤولية عن الفساد المستشري في المجتمع والدولة، عن فساد القضاء، وفساد الأجهزة التي يفترض أنها تحميه. وأكثر من ذلك فهو يحملكم المسؤولية عن عدم تحرير الجولان، الذي دفع في سبيلها كل غال وثمين، من عرقه وقوته وصمته، في الوقت الذي كنتم تنهبون ثرواته، وترا كمونها في الخارج والداخل، حسابات مصرفية، وقصور، ومزارع..الخ.
إنه يحملكم المسؤولية عن أجواء الخوف والقلق التي وضعتموه فيها، قلقه على بلده، وعلى نفسه. يحملكم المسؤولية عن عدم استجابتكم لندائه للإنقاذ: أن بادروا إلى المصالحة مع شعبكم، من خلال عقد مؤتمر وطني للمصالحة، فهو رغم ما ألحقتموه به من أذى، لا يزال قادرا على العفو. وعلى عكس ما كان يتسوله من مناسباتكم بصمت، فهو يناديكم، بمناسبة انعقاد المؤتمر العاشر لحزبكم، بأعلى صوت: معالم طريق إنقاذ البلد واضحة، لا تخطئوها هذه المرة أيضا. إنها تبدأ بإلغاء حالة الطوارئ، وبإطلاق سراح جميع المساجين السياسيين، وإغلاق ملف السجن السياسي إلى الأبد، وإصدار عفو شامل يغلق ملفات الماضي، ورد المظالم إلى أهلها، وتسوية أوضاع المواطنين الأكراد ومن في حكمهم، وإيجاد حل لمسألتهم القومية، حلا ديمقراطيا في إطار الهوية السورية، والكيان السياسي السوري، وإصدار قانون عصري للأحزاب ينظم الحياة السياسية في البلد، يكون فيه لحزبكم، أيضا، مخرجا من وضعيته الجهازية، إلى وضعية الحزب السياسي..الخ. وقبل ذلك لا بد من تعديل الدستور الذي فصلتموه على مقاسكم، ليصبح على مقاس الشعب، ولا بد أيضا من إلغاء جميع القوانين الاستثنائية في البلد، ألا تخشون أن تحاكموا استنادا إليها؟!! كما حاكمتم الكثيرين من شرفاء هذا الوطن، من القوى الوطنية الديمقراطية ، ولا تزالون تفعلون. اطمئنوا الشعب لا يرضى بذلك.
إن قائمة مطالب الشعب طويلة..لكنها واضحة وصريحة، فيها خلاص البلد والشعب، وخلاصكم أيضاً، إنه يريد تهديم السلطة الأمنية التي بنيتموها خلال العقود الماضية، ليبني على أنقاضها دولة الحرية والديمقراطية، دولة الحق والقانون. قرار الشعب واضح، إنه يريد الحياة، فهل من أولي ألباب يعقلون؟!!!

اقتــراح مـن مواطنــة للســلطــة الســوريــة

اقتــراح مـن مواطنــة للســلطــة الســوريــة

فلورنس غزلان

الحوار المتمدن

الحقيقة أني ، وبعد تفكير وتمحيص حزمت أمري وقلت" وداوها بالتي كانت هي الداء" وسأبادر وأسارع ولو أن هذه المبادرة تحتوي على بعض المخاطر ، لكنها أفضل وأسلم لرأسي من الانتظار ، وقبل أن تقع الفأس بالرأس . اذن الحكاية أن الأمور بدأت تتضح لي أكثر لهذا عزمت على مصارحة السلطة السورية ...أناالعبدةالمواطنةالمسالمة ....كوني حريصة كل الحرص على دوام النعمة علينا ...بنظام مستقر !!! يحمل القر والحر في غير أوانهما...وقطعالكل
لكل دابر ولكل حاسد بل لكل مخبر يحاول أن يسترزق على ظهري، فأقول بصراحة:ــ ياجماعة أحسن طريق يمكنه أن يخلصكم من المعارضين الذين يكفرون بنعمة أولياء الأمر منهم!! وهذا الشعب كله ، والذي يرفض التبعيث، ويرفض الانتماء لهذا الحزب القائد العظيم، الذي أرسل اليهم بقدرة العسكر ليحميهم ويحرسهم من أنفسهم ( فالنفس أمارة بالسوء) فيرتكبوا المعاصي بحق نظامهم الكريم والسخي جداً عليهم بأفضل وأحسن وسائل التكنولوجيا الحديثة للفتك بهم لا بالعدو في الجولان!! وكي نتخلص منهم أقترح أن تصنعوا لهم شارات مميزة وخاصة وأعتقد أنه من الأفضل أن تكون شارات بيضاء كي لايتم الخلط بينهم وبين حملة الشعلة الحمراء الملتهبة رمز البعث تلصق أو تعلق على أذرعتهم ، كما فعل هتلر باليهود الأوربيين ( ومافي حدا أحسن من حدا ) ، وبهذا يصبح كل خطروكل مخاتل ، وكل من لاينتمي للحزب" معلم " وعلامته ظاهرة وبهذا نوفر على الحكومة ...عفوا على التعيبة ...من جيش المخابرات الساهر ، والذي يتعب ويحرص على تسجيل أضابير بكل متهم وتشفيره كونه لاينتمي للحزب القائد ، وحينها يصبح عملهم أكثر سهولة ويسرا وتصبح مراقبة هؤلاء العصاة يسيرة ... هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى، ومقابل هذه الخدمة الجليلة التي أقدمها للسلطة ومسؤولي المخابرات كل ما أطلبه هو أسماء السادة الذين يمكنني أن أتعامل معهم من جماعة السي آي ايه الأميركية ، والذين حردت منهم مخابراتنا الميمونة!!! ولم تعد ــ حسب قولها ــ تتعامل معهم لأن هؤلاء الأميركان ماعاد يعجبهم العجب ولا الصيام برجب ...كل هذه التنازلات وكل المعلومات التي قدمتها لهم مخابراتنا وخبراتها في قمع الارهاب ومكافحته وكل السجلات المقيدة لديها والتي وضعت بتصرف الأميركان من أسماء العملاء والخونة والتي بحوزة مخابراتنا خاصة بعد قيامهم بتنظيف البلد من حماة وتدمر وغسلها بمسحوق ( امسحهم عن الأرض قبل مايمسحوك) ومع هذا فالشعب السوري مازال ينكر الجميل ويزيد في غيه ويبتعد عن الانتماء لصفوف الحزب لكن رجال الأمن في وطننا لهم بالمرصاد وبعد كل هذا يدعي جماعة السي آي ايه أن نظامنا في سورية لم يفعل شيء؟؟؟ وبما أنكم حردتم وأقفلتم الباب ...أطلب أن تتركوه مواربا قليلا كي أقوم بخدمتكم بدوري فأقدم لهم أسماء كل المصلين الذين يذهبون الى المساجد لأنهم ارهابيين اسلاميين ويمكن أن يكون بينهم مندسين يودون ارهاب أبناء العم سام ، وهذا لايرضينا بحكم الصداقة والارتباط المتين وحرصنا على كرسي الحكومة من المارقين وحرصنا على الدعم الأمريكي لهذا الكرسي كي يدوم بقاءه وعزه، وبهذا أنجي وطني وأخلصه من ورطة الضغط الأمريكي الخارجي المفروض على الدولة ، وأيضا من الضغط الداخلي من هذا الشعب الناكر للجميل ، فقد لاحظت أن آلاف من البشر تؤم المساجد وقد كثرت في سورية هذه الأيام كما كثر الوعاظ والواعظات ، وكي أخفف على رجال الأمن بعض مهماتهم أقترح أن توضع اشارة أيضا مختلفة اللون والشكل لكل من يدخل مسجداً ... العمى الآن أحس أني وقعت بورطة جديدة لم أتوقعها!! فقد عرفت وعلمت وتأكدت أن معظم المصلين في سورية هم من المنتمين للحزب القائد فما العمل؟؟ هل يعقل أن يكونوا بعثيين وارهابيين بنفس الوقت ؟!! بل مؤمنين بالاسلام الى هذا الحد ، فكما نعرف أن الحزب هو حزب علماني تحرري تقدمي فكيف يذهبون اذن بهذه الكثرة للمساجد ؟!...اذن هل الضعف في انتمائهم للدين أم للنظام؟؟، وكيف السبيل لخدمة صديقتنا السي آي ايه؟؟ فهل نعطيهم أسماء ارهابيين بعثيين؟؟ ...آه لقد وجدتها!!! تذكرت عندما صلى صدام حسين على جثمان الفقيد الراحل مؤسس المدرسة الأولى للبعث ( ميشيل عفلق) في المسجد ودفنه بطقوس اسلامية معتبراً أنه" أسلم بالعروبة".. على حد زعم أحدهم يوماً ...اذن البعثيون مسلمون بالعروبة!!! لكن هناك مأزقا جديدا لم أنتبه له ففي سورية عرب أقحاح لم يمتزجوا يوما بالأتراك ولا بالتتار ولا بغيرهم وظلوا عربا غير مسلمين رغم مجيء الاسلام وأنا منهم والله غسانية أباً عن جد ، فالغساسنة كما تعلمون تاريخيا كانوا مسيحيين ويدينون بالديانة المسيحية لكنهم عرب أصلاء ، وبعضهم حافظ على أصله ودينه وربما لم ينتم للبعث أيضا فما الحل؟؟ القائد سابقا صدام حسين وجد لها حلا فنقل ميشيل عفلق الى الاسلام بعد موته!! لكن مالذي يمكننا فعله ازاء شعبنا الغير مسلمين والغير بعثيين؟؟ وربما هناك مشاكل أخرى لم أتنبه لها بعد... الواقع أني أدخلت نفسي بمتاهة وورطة كل هذا من أجل عيون النظام وأميركا ويبدو أني تورطت وشغلة المخابرات عويصة وقد أصابني الصداع وأعتقد أني لاأصلح لها لذا أعلن انسحابي ....وسامحونا

البنك ( السوري !! ) الشّكاك

البنك ( السوري !! ) الشّكاك

ناصر المعروف

الحوار المتمدن

مصيبة والله بعض الأنظمة العربية !!

إذا جاء صوت المعارضة داخل حدود العقل والمنطق والحدود الجغرافية للوطن الأم ، وحسب القوانين المعمول بها وبكل حذافيرها ، جاء الردّ المقابل ( قاسيا وعنيفا ومبالغ فيه ! ) من قبل تلك الأنظمة القمعية وذلك بقذف نساء المعارضة قبل الرجال منهم في تلك السجون والمعتقلات العربية ، ذائعة الصيت والشهرة في العالم بأسره !!

وإذا جاء تغريد المعارضة خارج العشّ ، ولمسافات بعيدة أو حتى قريبة ، كانت الاتهامات جاهزة ومعلبة ، ما إن تفتح هذه العلب الجاهزة حتى تلوح لك ثلاثة كلمات سحريّة ، اختر لك واحدة منها ، لتناسب مقاسك ومقامك ، وهذه الكلمات الساحرة هي :- ( الجبان ، أو الخائن ، أو العميل ) !!
وإذا لم ترغب ، وعن طيب خاطر منك ، بواحدة من هذه الكلمات الثالث ، وحاولت ولمجرد المحاولة التملص منها بالدفاع الشرعي عن عدالة مطالبك الوطنية ، فلا مناع لديهم والله من أن تلصق بك ( زورا وبهتانا ! ) ولدفعة واحدة و فوقهم بالتأكيد دعاية مجانية والمتمثلة بتلك ( القبلات ! ) الحارّة ، والحارّة جدّ ا !!

فهاهو( النظام السوري المحترم ) من جديد ! والذي لم يتعلم شيئا يذكر فيما يدور حوله من أحداث جسام ، بل وفيما يدور داخل حدوده وما بين صفوف شعبه ! والمتمثل بذلك الماء المتسرب والمتمثل بالمدّ الإسلامي المتطرف والذي بدأ يتسرب بغزارة لا مثيل لها في كل أنحاء وأرجاء الجمهورية !
والآخذ بالارتفاع لدرجة حرارته نحو السخونة والغليان شيئا فشيئا إلى درجة التصدع في البنيان !! وبدلا من أن ينظر النظام السوري إلى مكمن الخلل والعمل الجاد والمخلص لوضع الحلول المناسبة والناجعة له بالتعاون مع شركاء الوطن جميعهم ، اختصر ( سامحه الله ) الحل بفاجعة أخرى من فواجعه التي لا تعدّ ولا تحصى !!
وذلك عندما أقدم النظام باعتقال ( كل جماعة !! ) العقل والمنطق والحوار الهادئ المتزن والمتمثل بأعضاء مجلس إدارة منتدى ( الأتاسي !! ) ومن داخل حدود ( دمشق السويداء ) ليسجل كذلك نقطة ( سوداء ! ) في سجله الممتلئ حدّ الثمالة بها مع الأسف الشديد !!

ولهذا على ما أظن !! أنّني أستطيع أن ألخص لكم وباختصار شديد مشكلة النظام السوري الحالي ومن نشأته حتى هذه اللحظة ! فمشكلته باختصار شديد هي نفس مشكلة ( البنك ! ) الذي أتعامل معه منذ أمد بعيد وسحيق ، فأنا والله أثق ثقة عمياء ( بالبنك ) بدرجة لا حدود لها وكذلك أثق بقدراته العالية في حفظ أموالي المنقولة منها وغير المنقولة وبقدراته الفائقة والمتمكنة على استثمار هذه الأموال على الوجه الأفضل والأحسن ، ليحقق فيما بعد الربح الوفير لي وله ، ولكن مشكلة هذا البنك أنّه لا يثق بي تماما ويعاملني ( كما يعامل البقية الباقية من المتعاملين معه ) معاملة تتسم بالجفاء والقسوة والغلظة ونظرات الشك والريبة والتوجس والخوف الدائم منّي ومن كل تعاملاتي البنكية معه ! سواء كانت هذه التعاملات كبيرة الحجم أم كانت صغيرة تافهة !!

ولهذا فأنّني ( أنا وباقي المتعاملين ! ) في نظر هذا البنك ( الشكاك ! ) والعديم الثقة بنفسه أولا وبالآخر( حتى ولو كان هذا الآخر من أخلص المتعاملين معه وأقدمهم ! ) نعتبر في نظراته هذه ( متهمين ومجرمين ولصوص وفاقدي الثقة والأهلية ) ما لم نثبت له العكس تماما !!
( هذا بالطبع إذا أحسن النظرة والنّية بنا !! )
أما إذا ( أساء النّية و النظرة بنا تماما ! ) فإنّنا نعدّ ولدفعة واحدة !!
بمثابة ( جبناء وخونة وعملاء !! ) لبنك منافس جاء ليضمر الشّر والخراب والدمار له !!

وعلى هذا الأساس :

( وبعد أن طفح الكيل ! ) بهذا البنك الجائر وسياسته الخاطئة والمدمرة معنا ومع باقي المتعاملين ( النزيهين المخلصين الصادقين له ) نطالبه بأمرين لا ثالث لهما :-

إما أن يغير سياسته الظالمة الجائرة والغير عادلة نحونا ، نحو تعزيز الثقة بنفسه وبنا ، وكذلك التعامل الحضاري والراقي مع نفسه ومعنا ، وإمّا أننا عاقدين العزم جميعا ( ودون استثناء ) بأن نسحب كلّ أمولنا و مدّخراتنا من صناديقه البنكية لنجعلها خالية خاوية !!

وبعدها ستكون عملية الإفلاس له متوقعة وحتمية وقريبة جدّا !!
وقد أعذر من أنذر !!

هل تفعل أميركا ما يجب لدعم الديمقراطية؟!

هل تفعل أميركا ما يجب لدعم الديمقراطية؟!

المستقبل

شمس الدين الكيلاني

لم تشغل الديموقراطية موقعاً مهماً في السياسة الأميركية تجاه قضايا العالم، وعلى الأخص تجاه العرب، صحيح ان مسائل حق الأمم في تقرير مصيرها، التي أثارها ويلسن، في فاتحة القرن الماضي، لفتت انتباه الكثير من الشعوب، بمن فيهم العرب، الا ان صدى صوت ويلسن، ما برح ان اختفى في عباب انتظام اميركا والمصالح الغربية في حزمة واحدة، ولا سيما حينما احتلت مواقع القيادة للعالم الغربي (لحر) في مواجهة الكتلة السوفياتية في سياق الحرب البادرة، هذه الحرب التي جعلت كلا الطرفين يتسابق لحشد القوى المساعدة، أو الحليفة، أو الموالية له، للتضييق على القطب الآخر، وتقوية مواقعه، وفعل كل منهما ما يلزم لحشد الموالين، بصرف النظر عما كان ديموقراطياً او استبدادياً، فتكاثر اعتمادهما على "الطغم" أو "الدمى" الاستبدادية، واتسمت السياسية الأميركية في هذا السياق، بميل شديد نحو السلطات القوية، والعنيفة، فرعت من اجل ذلك سلسلة من الانقلابات العسكرية، في كل مكان وطأته، كانقلاب سوهارتو الذي راح ضحيته اكثر من مليوني نسمة، وانقلابات بونيشيت على حكومة اللندي الديوقراطية والانقلاب على مصدق في ايران، ورعياتها لأشد الديكتاتوريات شراسة، كشاه ايران، وموبوتو في الكونغو، وأمثالهما، أما فيما يخص العرب، فقد كان لانعكاس سياستها تلك اشد وطأة، فبالاضافة الى ميل الاستراتيجية الأميركية نحو اعتمادها على "السلطة القوية"، الأكثر قدرة على ضبط الحركات الشعبية، ولمواجهة احتمالات تغلغل النفوذ السوفيتي، فقد عاضدت، ليس فقط أمن دولة اسرائيل، وتفوقها العسكري والمدني المطلق على العرب، بل أيضاً دعمت توسعها واحتلالها للأرض العربية عام 1967، وسوّغت سلوكها العنصري، البغيض، وحمتها دولياً، ووظفت الكثير من طاقاتها السياسية لتسهيل اندماجها في العالم، وهو ما جعل اميركا بموقع العدو للشعوب العربية، أما المفعول الثاني، فإن دعم اميركا للقدرات العسكرية والمادية لاسرائيل حوّل الأخيرة الى دولة غاية في القوة، جعل الجميع ولا سيما دول الجوار العربية تستشعر المخاطر، مما قاد الى استنزاف طاقات الدولة العربية الحديثة التكوين، والضعيفة الثروة في سباق التسلح لمواجهة الخطر بدل التنمية، وقاد الى عسكرة تلك المجتمعات، والى تغليب دور العسكر في حياتها السياسية، نتيجة تضخم حجم الجيوش مقارنة بطاقة المجتمع.
لم تتغير مواقف اميركا تجاه القضايا العربية، وتجاه مسألة الديموقراطية، حتى بعد ان تفردت في قيادة العالم، وهيمنت على السياسة الدولية، فقد ظلت ترعى المصالح العليا "لاسرائيل"، وتحمي أمنها وتوسعها، حتى بعد أن قبل العرب "التسوية التاريخية" مع الأخيرة، ونسوا حقوقهم التاريخية، وارتضوا بربع فلسطين وبالأراضي التي احتلت عام 1967، وأبقت القوة الاسرائيلية منفلتة من عقالها، تحميها في الأمم المتحدة، وعلى الأرض، لتستمر في استنزاف الوضع العربي، وتزيده خنوعاً.
بعد حوادث 11 أيلول اظهرت أميركا اعتماد سياسة دعم الديموقراطية في الشرق الأوسط، لأسباب اخرى لا تتعلق بالديموقراطية، انما تتعلق "بحرية" تحركها، وحليفها "اسرائيل" في تغيير خريطة المنطقة، لتكون مطواعة لأوامرهما العليا، فكان أول فصول "ديموقراطيتها" الدامية غزو العراق. وتدمير دولته، وكيانه، وتهشيم لحمته الوطنية، وتفكيك اواصره الى طوائف، وأفخاذ، ولتطلق العِنان للقوى التدميرية فيه لتزرع أرضه فساداً، ثم لتؤسس لأجهزة حاكمة له تحت رقابتها المباشرة، لتكون أداة طيّعة لأوامرها، ولسيادتها، بعد ان تكون قد كونت نخبة جديدة، يكون ولاؤها الأول لأميركا باسم العولمة، ولاسرائيل باسم ثقافة التسامح، والانفتاح على الآخر، وليصبح عدوها الأول العرب باسم محاربة الجهل والتأخر، فتكون الضحية في ذلك كله الديموقراطية أولاً، والديموقراطية ثانياً.
والحال ان الطريق الوحيد المفتوح امام اميركا لمساعدة الديموقراطية، ولتوطينها في بلادنا، انما يمر في المساعدة في انجاز تسوية حقيقية، توقف استنزاف الطاقة العربية، وأجواء الصراع الدامي، وتضع حداً لمظالم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وبحق العرب، فتساهم اميركا بذلك في التمهيد لنزع العسكرة عن حياتنا السياسية، وأجواء الغضب والعنف المثيرة للعداوة والعنف، وعندها تتحول قضية (الأمن القومي) الى مسألة ثانوية في حياتنا السياسية، بعد ان كان لها الأمر الفيصل، وتبطل ذرائع المستبدين بالمسألة الوطنية لإدامة استبدادهم.
كما يتوجب على أميركا ان تتوقف عن دعم الانظمة الاستبدادية، والفاسدة لمجرد قربها من اسرائيل، ومن مصالحها، وأن تتوقف عن ممارسة سياسة البلطجة الدولية، والاستخفاف بالقانون الدولي عندما يتعلق الأمر ببلادنا، وأن تتوقف عن سياستها في منع العرب من دخول عصر التقنية الجديدة، عندها سيكون لمساندتها الديموقراطية، مغزى مختلف، عما يجري الآن من ارتكاب جرائم باسم الديموقراطية، عندها ستضيق المساحة الموضوعية لنمو الاستبداد وسيزداد ادراك النخبة والجمهور لثراء الحياة الثقافية الغربية، وما تحمله من نزوع نحو احترام الآخر، ومن فرص للتقدم والديموقراطية، وما تختزنه من عقلانية، وخبرة، على حساب تلك الصورة القاتمة عن الغرب، التي تكونت خلال القرنين الماضيين، فيرسّخ ذلك فينا ثقافة الديموقراطية، فضلاً عن شغفنا بها سياسياً".
ولكننا نتساءل أخيراً، هل يشهد جيلنا هذا التحول الاميركي الكبير؟ فكل العلائم تشير، بعد صعود اليمين، واليمين المسيحي الصهيوني، الى تضاؤل ذلك الاحتمال، فلا يبقى لنا من أمل لإعمال ذلك التحول سوى الاعتماد على تحول يعطي وزناً للغة المصالح القومية في الاستراتيجيات العليا للدول، والأهمية حضور الشعوب في قلب السياسة لنجاح تلك الاستراتيجيات.

المؤتمر القطري لحزب البعث

المؤتمر القطري لحزب البعث

حازم صاغيّة

الحياة

المؤتمر القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في سورية...

التعبير يقع اليوم على الأذن والعين وقعاً غريباً، فكما لو أننا أمام لوحة كولاج سوريالية تلصق صورة على صورة وزمناً على زمن، فيما تكون الأحلام وأضغاثها وعديد الرغبات المقموعة مصدر اللصق والتركيب.

ولقائل أن يقول بحق إن الوجهة العربية الأخرى، التي يصفها البعض بالانتخابية، وبعض آخر بالديموقراطية، لا تزال مُلبّدة غامضة يحفّ بها من الاحتمالات، كبيرها وخطيرها، ما يحفّ بها من دعائية سقيمة. بيد أن ما لا يرقى الشك اليه ان الوجهة التي يرمز اليها المؤتمر القطري... غدت لزوم ما لا يلزم.

ذاك ان الحزب الذي تأسس في 1947 غيّر جلده مرات عدة لمجرد البقاء على قيد الحياة. فالمجموعة الطلابية التي تحلقت حول ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار، والتي كانها البعث عند ولادته، غير الحزب الشعبي الذي صاره لدى الاندماج بزعيم حماة أكرم الحوراني. والبعثان غير البعث الثالث الذي نجم عن الانقلاب العسكري في 8 آذار (مارس) 1963، ليعاد تأسيسه مرة أخرى إبان انقلاب البعث الأكثر عسكرية على البعث الأقل عسكرية في 1966. والبعوث تلك، بدورها، غير البعث الذي استولى على السلطة في 1970 بقيادة وزير الدفاع حافظ الأسد.

وفي هذه الغضون تغيرت المسألة المركزية للحزب الذي ابتدأ مهموماً بالشأن السوري واستعادة لواء الاسكندرون الذي احتلته تركيا، وغازل الاتحاد الهاشمي العراقي - الأردني قبل أن يعطي قلبه للوحدة مع مصر الناصرية، ثم للانفصال عنها، ثم للسلطة في سورية والعراق والصراع مع عبد الناصر، ثم للنزاع مع بعث العراق، انتهاء بتوطيد القبضة في لبنان.

وأهم من ذلك ربما ان انهيار المعسكر السوفياتي لم يُضعف قدرة الجيش البعثي فحسب، مانعاً عليه مصادر تسليحه، ولا أطاح، تالياً، تعهدات حافظ الاسد ببناء توازن استراتيجي مع اسرائيل. فما ترتب، فوق هذا، انهيار المرجعية، المعتقدية والتنظيمية، لطريقة في الحكم والسلطة والأداء الاقتصادي المركزي معاً. وهنا قد يكمن المصدر الأبرز لهذا التفارُق بين المؤتمر القطري لحزب البعث... وبين زمننا الراهن. فقبلاً، كانت الأصوات تتعالى مطالبة لبنان الانعزالي والرأسمالي بالاقتراب من سورية القومية والاشتراكية. أما أحد أسئلة المراقبين اليوم فيدور حول قدرة سورية الحالية على الاقتراب من لبنان، على رغم غموض الأخير والتباسه. وهي مهمة في مصلحة السوريين واللبنانيين بطبيعة الحال.

وقبلاً، كان من المسلّم به، بهذه الدرجة من الصراحة أو تلك، أن سورية معذورة اذا ما استبد حكمها بشعبها، وتردّت اقتصادياً وتعليمياً، وأغلظت وصايتها على لبنان والفلسطينيين، ما دام ان لها أرضاً محتلة في الجولان. واليوم، يتسع النقاش لحجة مفادها ان التعددية والحرية، إن لم يكن الديموقراطية، وتعاطي سورية مع نفسها كدولة بلا امتداد امبراطوري، يرفعان فرصة استعادة الجولان، أو أقله يتسببان في إحراج السلوك الإسرائيلي والأميركي على نحو لا يتوافر الآن.

وهي، على العموم، مسائل لم يعد يمكن الرهان لحلها على تغييرآخر للجلدة التي حفّت وأصابها اهتراء لا يخفى على عين ناظرة. فإما أن يصار الى توديع البعث بما استدعاه ذلك من ألحان جنائزية، ولو جاء العزف بطيئاً متقطّعاً، وإما... الطوفان.

اطلاق اعضاء "منتدى الاتاسي

سورية: اطلاق اعضاء "منتدى الاتاسي" وتوقيف ناشط حقوق في طرطوس

دمشق

الحياة

اطلقت السلطات السورية امس ثمانية من اعضاء منتدى جمال الاتاسي للحوار الديموقراطي بعد توقيفهم لمدة خمسة ايام بتهمة تجاوز خط احمر والتعامل مع حزب الاخوان المسلمين المحظور. وقال عضو المنتدى حسين العودات لـالحياة امس ان مجلس الادارة سيشكل وفداً لـالحوار والتوسط لدى المسؤولين لاطلاق سراح زميلهم علي العبد الله الذي قرأ بيانا باسم المراقب العام لـالاخوان صدر الدين البيانوني.

في غضون ذلك، قالت المنظمة السورية لحقوق الانسان (سواسية) ان اجهزة الامن اوقفت اول امس الناشط حبيب صالح في مكتبه في مدينة طرطوس، الذي كان امضى ثلاث سنوات في السجن، وانها اعتقلت ايضا السجين السياسي السابق محمد حسن ديب.

وفيما احيل العبد الى محكمة امن الدولة بتهمة التعامل مع حزب محظور، تمت احالة رئيس جمعية حقوق الانسان محمد رعدون الى محكمة امن الدولة بدلا من القضاء العسكري بتهمة نشر اخبار كاذبة يعرف انه مبالغ بها على خلفيه تمسكه بوفاة مواطن في السجن.

وقال العودات بعد الافراج عنه امس:باعتبار ان العبد احيل الى المحكمة، كان صعباً الافراج عنه معنا من دون تدخل رئاسي، لذلك فاننا سنشكل وفداً لنعمل سوية مع السلطات لاطلاق سراحه بحيث يحاكم طليقاً او ان يطوى ملف القضية.

وبثت الوكالة السورية للانباء (سانا) امس ان السلطات اطلقت اعضاء مجلس منتدى الاتاسي بعد انتهاء التحقيقات معهم بسبب مخالفة القوانين والانظمة المتعلقة بنشاط بعض الحركات المحظورة.

ومنذ توقيفهم، ركزت التحقيقات المنفردة والجماعية مع العودات وسهير الاتاسي وحازم النهار وناهد بدوية ويوسف جهماني وجهاد المسوتي ومحمد محفوض وعبد الناصر كلحوس، على اسباب قراءة بيان الاخوان في منتدى الاتاسي بداية الشهر الماضي.

وقال العودات: انتهت التحقيقات خلال الساعات الاولى ثم دخلنا في حوارات ثنائية او جماعية عن الاخوان، اذ انهم قالوا لنا ان الاخوان حزب ارهابي ومحظور حسب القانون 49 ولايجوز التعامل معه واننا تجاوزنا خطاً احمر. وقلنا لهم اننا لسنا حزباً ولا تنظيماً سياسياً بل منتدى مفتوحاًً لجميع اطياف المجتمع السوري.

وعلمت الحياة ان السلطات طلبت من الثمانية في اليوم الاول من توقيفهم الاعتذار والاعتراف بالخطأ كشرط لاطلاقهم، لكن المعتقلين رفضوا ذلك. وقال العودات :لم نتعرض لاي اهانات جسدية او نفسية وكان التعامل جيدا. كما دخلنا بحوارات سياسية عن مستقبل البلاد، مشيراً الى ان الثمانية قالوا للمحققين: اننا تحت سقف القانون السوري ونعمل بموجب ذلك.

اعتقالنا كان رسالة الى الأخوان المسلمين

بعد إطلاق السلطات أعضاء المنتدى
سهير الأتاسي لـ'النهار':

اعتقالنا كان رسالة الى الأخوان المسلمين

"النهار":

بعد أقل من اسبوع من اعتقالهم، افرجت السلطات الامنية السورية ظهر امس عن جميع اعضاء مجلس ادارة منتدى جمال الاتاسي للحوار الوطني، المؤلف من سهير الاتاسي وناهد بدوية والكاتب حسين العودات وحازم النهار وجهاد مسوتي وعبد الناصر كلحوس ويوسف جهماني ومحمد محفوض، فيما أبقي الكاتب وعضو المنتدى علي العبدالله رهن الاعتقال لأن ملفه صار لدى محكمة امن الدولة، وهو الذي تلا رسالة المراقب العام لجماعة "الاخوان المسلمين" علي صدر البيانوني نيابة عنه.

واشارت مصادر سورية الى لقاء "ايجابي" مع رئيس شعبة الامن السياسي اللواء محمد منصورة قبل الافراج عن المعتقلين. واوضح احد المفرج عنهم ان اللواء منصورة "تحدث بطريقة مشجعة وصريحة، وقد وعد خيراً في ما يتعلق باعتقال زميلنا علي العبد الله". واضاف: "اشاد اللواء منصورة بمنتدى الاتاسي رغم عتبه على وقوفه دائماً عند السلبيات، لكنه رغم ذلك طالب بالاستمرار في النقد قائلاً: لا توفروا احداً اذا كان مخطئاً".

وصرحت رئيسة المنتدى سهير الاتاسي التي كانت تعقد الجلسات في منزلها في مشروع دمر غرب دمشق لـ"النهار": "ما حصل معنا يأتي في اطار توجيه الرسائل الى الاخوان المسلمين، حيث ارادت السلطات القول ان الحوار معهم ما زال خطاً احمر وممنوعاً ويحاسب عليه القانون، رغم اننا قلنا لهم اننا دعونا للحوار مع الاخوان لانهم يشكلون تياراً معتدلاً اليوم ومن الافضل ان يعبروا عن رأيهم داخل سوريا عوض اقصائهم، لكن السلطات بقيت على موقفها بأن الاخوان خط أحمر، وفي النهاية لم يكن في وسعنا الا ان نقول لهم ان الرسالة قد وصلت".

ونقلت عن السلطات ان دور المنتدى كان ايجابيا وانه "يأتي كتنفيس ضروري، لكننا قلنا لهم اننا نطالب بدور حقيقي وفاعل للمنتدى وليسة بدور تنفيسي، وقد أثبتنا ذلك خلال الاعوام المنصرمة. فبعد بدايات متعثرة بين السوريين في الحوار غالبا ما كانت تنتهي بالانفعال والعصبية، صار جميع رواد المنتدى اليوم يتقبلون بعضهم بعضا ويتناقشون بكل رحابة صدر. أليس في ذلك ايجابية؟".

وعن تجربتها الاولى في المعتقل قالت: "كان تفكيري في الخارج، لم أفكر في وضعي الشخصي، كنت أفكر طوال الوقت في ولدي الذي يبلغ من العمر 15 عاما وهو على ابواب امتحانات اساسية... تذكرت تجربة رياض الترك في هذا المجال، وكنت أحاول ان افكر دائما في الاحتمال الأسوأ حتى نتعود كل شيء قد يحصل معنا". وختمت: "كانت هناك رسالة اخرى، تريد القول ان النظام ما زال قويا، يدل على ذلك طريقة الاعتقال التي تمت في توقيت واحد عند الفجر وطاول الجميع رغم توزع المعتقلين على محافظات ومدن غير دمشق".

العودات

وفي اتصال هاتفي أجرته "النهار" مع العودات عن اسباب الاعتقال والافراج السريع، قال: "القصة في تقديري ان السلطات لا تريد اي تعاون مع الاخوان باعتبارهم تنظيما محظورا، وهم لا يريدون اي علاقة ويعتقدون اننا في المنتدى تلونا نص رسالة البيانوني عن قصد، وهذا سبب الاعتقال ولأجل ذلك جرى في اليوم الاول من الاعتقال تحقيق كامل مع الجميع، لكن ذلك تحول في الايام المتبقية الى حوار وليس الى تحقيق".

وهل يستمر المنتدى في الدعوة الى الحوار مع "الأخوان المسلمين"؟ أجاب: "السلطات أخبرتنا أنهم ليسوا ضد المنتدى رغم ملاحظتهم أن المنتدى غالبا ما يتوقف عند السلبيات ولا يشير الى الايجابيات. وفي ما يتعلق بموقفنا من الأخوان ولأنهم حزب محظور بموجب القوانين السورية، فنحن لن نقوم بترويجهم، وسنبقى تحت سقف القانون، رغم أني متفائل بمستقبل الحوار بشكل عام".

ورأى أن "الضغوط في الداخل وغير الداخل كان لها دور في قرار الإفراج".

وعن المعاملة داخل السجن قال: "كلهم كانوا يتحدثون بايجابية وكان تعاملهم جيدا جدا ومع الجميع دون استثناء".

النهار

وعن ظروف الاعتقال، قال حازم النهار: "في اليوم الأول عزلونا بعضنا عن البعض لأجل اجراءات التحقيق، ولكن في ما بعد جمعونا دون الزميلات من النساء".

وعلى رغم سعادته بقرار الافراج عنه انتقد النهار "الطريقة التي حصل فيها الاعتقال الذي كان أشبه بالخطف وفي توقيت غير مناسب فجر 24 من الجاري" ولكن رغم عدم حصول أي إزعاج أو تعذيب، ورغم أن التعامل كان ايجابيا، إلا أن السجن بذاته شيء سيئ.

وكانت السلطات الأمنية قد اعتقلت رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان المحامي محمد رعدون في مدينة اللاذقية في 22 أيار الجاري. كذلك خطفت جهة مجهولة نائب رئيس مركز دمشق للدراسات الإسلامية الشيخ الكردي محمد معشوق الخزنوي، لكن السلطات نفت اعتقاله.

اعتصام

ومساء أمس، اعتصم من مئة الى مئتين من الناشطين السوريين في ساحة يوسف العظمة وسط دمشق، بناء على دعوة من لجنة التنسيق الوطني للدفاع عن الحريات الأساسية واحترام حقوق الانسان.

وردد المعتصمون هتافات دعت الى اطلاق جميع المعتقلين السوريين، و"الحرية للشعب السوري" ورفع العلم السوري.

وعمدت الأجهزة الأمنية الى التضييق على المعتصمين، فنقلوا اعتصامهم الى منطقة باب توما، وهناك تدنى عددهم، وقبل تفريقهم في حي باب توما ردد المعتصمون النشيد الوطني السوري.

اعتصام العشرات وسط دمشق

اعتصام العشرات وسط دمشق
احتجاجا علي اعتقال رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية

دمشق ـ اف ب: اعتصم العشرات مساء امس الاثنين في ساحة يوسف العظمة وسط العاصمة دمشق احتجاجا علي اعتقال رئيس المنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية محمد رعدون.
وتجمع العشرات وبينهم العديد من الاكراد احتجاجا علي اعتقال رعدون وحبيب صالح احد معتقلي ربيع دمشق الذي كان قد اطلق سراحه العام الماضي وعلي العبد الله عضو منتدي الاتاسي ومطالبة بالكشف عن مصير الشيخ محمد معشوق الخزنوي واطلقوا هتافات لا للسجون لا للاعتقال .
كما تجمع في الوقت نفسه العشرات من المواطنين السوريين في تظاهرة مضادة وراحوا يهتفون بالروح بالدم نفديك يا بشار ودخلوا وسط الاعتصام ما ادي الي تفريق المعتصمين. وقال خير الدين مراد، امين عام حزب ازادي الكردي، لوكالة فرانس برس اعتصمنا احتجاجا علي عمليات الاعتقال الاخيرة لمنتدي الاتاسي والكاتب علي العبد الله وحبيب صالح ومحمد رعدون للمطالبة باطلاق سراحهم والكشف عن مصير الشيخ الخزنوي المخطوف منذ 10 ايار(مايو) الحالي ولم يعرف مصيره .
وكان مصدر مسؤول في وزارة الداخلية السورية نفي خبر اعتقال الخزنوي وقال ان الجهات المعنية تتابع هذا الموضوع باهتمام بالغ منذ ايام عدة لكشف ملابسات اختفائه. وكانت السلطات السورية اعتقلت الاحد في في طرطوس (260 كم شمال غرب العاصمة) المحامي حبيب صالح احد معتقلي ربيع دمشق الذي كان قد اطلق سراحه العام الماضي. كما اعتقلت السلطات السورية محمد حسن ديب في مدينة السلمية التابعة لمحافظ حماه ( 210 كم شمال العاصمة) ولم تتوفر اي معلومات عن سبب اعتقاله. وقالت المنظمة العربية لحقوق الانسان (سواسية) في بيان تسلمته وكالة فرانس برس ان ديب اعتقل 26 ايار(مايو) الحالي وهو معتقل سابق امضي 15 عاما في السجن لانتمائه الي حزب العمل الشيوعي المحظور واطلق سراحه العام الماضي .

شخصيات فلسطينية تناشد الاسد اطلاق سراح المعتقلين السياسيين السوريين

شخصيات فلسطينية تناشد الاسد اطلاق سراح المعتقلين السياسيين السوريين

وجهت شخصيات فلسطينية ونشطاء المجتمع المدن الفلسطيني رسالة مفتوحة الي رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الاسد تناشده اطلاق سراح المعتقلين السياسيين السوريين وسجناء الرأي من المعتقلات السورية، وذلك لتعزيز موقف سورية في مواجهة الضغوطات الخارجية.
واوضحت الشخصيات الفلسطينية امس في رسالتها بان اطلاق سراح السجناء السياسيين شرط لتطور سورية علي طريق الديمقراطية، وفيما يلي نص الرسالة:
سيادة الرئيس بشار الاسد
رئيس الجمهورية العربية السورية
تحية طيبة وبعد،
نحن الموقعين ادناه، نناشد سيادتكم، الافراج الفوري عن جميع نشطاء العمل الديمقراطي، والمجتمع المدني في سورية، الذين تم اعتقالهم مؤخرا، دون اية اسباب موجبة، واصدار عفو عام عن جميع المعتقلين السياسيين في السجون السورية، واطلاق سراحهم، واحترام حقوق الانسان، والحريات الديمقراطية، حرصا علي دور سورية، وموقعها الهام في مواجهة كل اشكال الضغوط، ولضمان صمودها، وتطورها علي طريق الديمقراطية والتقدم.
الموقعون:
د. حنان عشراوي، ياسر عبد ربه، د. اياد السراج، قدورة فارس، د. جورج جقمان، ممدوح نوفل، هاني المصري، هاني حبيب، جمال زقوت، طلال عوكل، راوية الشوا، د. كمال الشرافي، حنا عميرة، حيدر عوض الله، ليانه بدر، حسن خضر، توفيق ابو غزالة، د. كميل منصور، د. فيحاء عبد الهادي، زكريا محمد، د. طالب عوض.

الافراج عن اعضاء منتدي الاتاسي للحوار في سورية

الافراج عن اعضاء منتدي الاتاسي للحوار في سورية
وابقاء علي العبدالله وتحويله لمحكمة امن الدولة

القدس العربي ـ اف ب

اطلقت السلطات السورية امس الاثنين سراح الاعضاء الثمانية في منتدي الاتاسي للحوار الوطني باستثناء الكاتب علي العبد الله الذي كان قد تلا رسالة للمراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في المنتدي.
وقال حازم النهار عضو منتدي الاتاسي الذي اطلق سراحه لوكالة فرانس برس اطلق سراحنا نحن الثمانية عند الساعة الثانية بعد الظهر باستثناء علي العبد الله .
واضاف ان علي العبد الله احيل الي محكمة امن الدولة الاسبوع الماضي بسبب الاجراءات القانونية .
واكد النهار أن السلطات السورية وعدتهم خيرا باطلاق سراحه. وانتقد النهار طريقة الاعتقال التي تمت بالنسبة الي اعضاء منتدي الاتاسي واكد أن الافراج عمل ايجابي لكنه منقوص ويجب طي ملف الاعتقال السياسي بشكل نهائي .
ونقلت وكالة الانباء السورية عن مصدر اعلامي ان الافراج حصل بعد انتهاء التحقيقات معهم بسبب مخالفة القوانين والانظمة المتعلقة بنشاط بعض الحركات المحظورة في سورية .ولم تعط ايضاحات اخري.
وكانت اجهزة الامن السورية اعتقلت في 24 ايار (مايو) جميع اعضاء المنتدي الاتاسي وبينهم سهير الاتاسي رئيسة المنتدي والكاتب الصحافي حسين العودات الذي كان يدير الندوات المدير السابق لوكالة الانباء السورية (سانا) والمستشار السابق لرئاسة مجلس الوزراء السوري.
وقال مصدر اعلامي سوري حينها لوكالة فرانس برس انهم اعتقلوا لانهم قاموا بترويج افكار جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مقر منتدي الاتاسي خلافا للانظمة والقوانين المعمول بها في سورية .
يشار الي ان منتدي الاتاسي كان الوحيد بين المنتديات التي ظهرت خلال ربيع دمشق عقب تسلم الرئيس السوري بشار الاسد السلطة عام 2000، الذي استمر في نشاطه بعد اغلاق السلطات المنتديات الاخري.
وكانت سلطات الامن السورية اعتقلت قبل ذلك بأسبوع الكاتب والناشط في مجال حقوق الانسان علي عبدالله.
وجاء اعتقاله بعد ان تلا رسالة من علي صدر الدين البيانوني المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين المحظورة في سورية وجهت الي منتدي الاتاسي.
واعتقلت السلطات السورية يوم الاحد المحامي حبيب صالح احد معتقلي ربيع دمشق الذي كان قد اطلق سراحه العام الماضي.
وعلق ناطق باسم اللجنة السورية لحقوق الإنسان علي إطلاق سراح إدارة المنتدي الثمانية بقوله لا يوجد أصلاً مبرر قانوني أو عرفي أو أخلاقي لاعتقال أعضاء إدارة منتدي جمال الأتاسي، لأنهم لم يرتكبوا إثماً، فالتعبير عن الرأي أمر محترم في القانون السوري وفي الأعراف والقوانين العالمية، ونقل وجهة نظر أخري ولو كانت معارضة للسلطة لا يعتبر جرماً، والدفع خطوة الي الأمام في طريق الحوار الوطني بين فئات المجتمع السوري ومكوناته أمر يستوجب الترحيب وليس الترهيب .
وتابع الناطق باسم اللجنة حديثه ولا يوجد أي مبرر لاستمرار اعتقال الكاتب علي العبد الله والانفراد به لتجريمه، فقد كان ينفذ أمراً متفقاً عليه بين أعضاء إدارة المنتدي .
وقال الناطق لقد خسرت السلطة كثيراً بهذا الاعتقال، وخسرت أكثر عندما أطلقت سراح أعضاء إدارة منتدي جمال الأتاسي بينما فشلت في تحقيق أهدافها منه في تخويف المواطنين من التعبير عن آرائهم أو وضع حواجز تحول دون الحوار الوطني . وقال الناطق شيء جميل أن تتراجع السلطة وتفرج عن إدارة منتدي الأتاسي، لكن سيكون الأثر أكثر نفعاً لو أفرجت فوراً عن علي العبد الله ومحمد رعدون وحبيب صالح والشيخ محمد معشوق الخزنوي ونزار رستناوي والمعتقلين من العائدين الي الوطن، وسيكون أجمل لو أطلقت السلطات سراح كافة المعتقلين السياسيين فوراً . وختم الناطق تعليقه بقوله المطلوب من السلطة وعلي جناح السرعة وقف الاعتقال غير المبرر وتسوية وضع كافة المعتقلين بالإفراج الفوري عنهم، وإبطال كافة القوانين الاستثنائية والقمعية وفتح باب الحوار والمشاركة بين كافة أطياف المجتمع السوري .

تحولات في الحياة السياسية السوري

تحولات في الحياة السياسية السورية

محمد سيد رصاص

السفير

أدت أحداث مفصلية إلى انقلاب تيارات سياسية سورية على نفسها أو إلى تشققها، مثلما حصل للقوميين (حركة القوميين العرب قسم كبير من كوادر حركة الاشتراكيين العرب بعث 23 شباط بعد فقدانه للسلطة في العام 1970) عندما اتجهوا نحو الماركسية عقب هزيمة 5 حزيران، فيما رأينا أكثرية الشيوعيين السوريين بعد الهزيمة ينحون نحو التقرّب من الفكر القومي وللاستقلال عن السوفيات في القضايا المحلية والعربية، ما أدى إلى انشقاق الحزب الشيوعي في العام 1972 ونشوء ظاهرة المكتب السياسي فيما أدت الحالة الأولى إلى انبثاق رابطة العمل الشيوعي والبعث الديمقراطي.
أدى الانهيار السوفياتي إلى تخمر مفاعلات مماثلة (انقلاب على الذات
التشقق) عند التيار الماركسي السوري لم تظهر أبعادها إلا بعد سقوط بغداد: ظهرت ملامح المرحلة الانتقالية إلى الليبرالية، عند ماركسيين سوريين عديدين، عبر طروحات قدمت في عقد التسعينيات مثل (حركة ذات برنامج سياسي واحد مع تعدد أيديولوجي)، وهو طرح كان المبادر إلى تقديمه المرحوم جمال الأتاسي وقيادة المكتب السياسي في العام 1998 عبر وثيقة هدفت إلى توحيد التجمع الوطني الديموقراطي في حركة واحدة، ما أدى إلى خلافات عاصفة داخل الحزب الشيوعي المكتب السياسي لينتهي الأمر إلى إفشال ذلك الطرح، ومثلت مقولة الحزب يقوم على البرنامج السياسي لا على الهوية الفكرية السياسية وأطروحة تعدد المصادر المعرفية في الحزب إلى أن وصلت الأمور في مرحلة (ما بعد بغداد) إلى طروحات ليبرالية صريحة عند أصحاب تلك الطروحات الذين يمتدون من المكتب السياسي إلى كثيرين من الذين كانوا ينتمون إلى حزب العمل الشيوعي (الذي ورث الرابطة) وصولاً إلى التاركين لشيوعيي الجبهة.
بخلاف السبعينيات، عندما تحوّل قوميون إلى الماركسية أو اتجه الشيوعيون إلى الانفتاح على اليسار القومي وللاستقلال عن السوفيات، فإن اتجاه هؤلاء الماركسيين نحو الليبرالية يأخذ ملامح تحول سياسي بدون تأصيل معرفي حيث لا نجد شيئاً مماثلاً لما قدمه الياس مرقص وياسين الحافظ أو لما أعطاه محسن إبراهيم ومحمد كشلي، بل ركوباً لموجة سياسية عاتية تجتاح المنطقة من الغرب وانسجاماً مع واقعة انتصار مركز عالمي على آخر، حيث يلاحظ أن هؤلاء المفتقدين للجذور الاجتماعية، يعتمدون في تعويم أنفسهم على مركز عالمي، كان سابقاً موسكو وأصبح الآن في الغرب، فيما كان الكثيرون من المختلفين مع السوفيات في وضعية الابن المطرود والمغضوب عليه من الأب والطامح للعودة والغفران.
لا تختلف وضعية الليبرالية، كموجة ظاهرة على السطح السياسي العربي، عن وضعية (القومية) و(الاشتراكية) في الخمسينيات والستينيات، وهي لا تعتبر تعبيراً عن تعالي المطالب بالديموقراطية في سوريا والتي بادر إليها الماركسيون والقوميون المعارضون في التجمع الوطني الديموقراطي منذ نهاية السبعينيات عندما لم يكن هناك لا ليبرالية ولا ليبراليون في سوريا بعد موت الليبرالية القديمة وأحزابها منذ عام 1958 بقدر ما أنها انعكاس محلي لتطور عالمي، أكثر من كونها تعبيراً عن فرز قوى اجتماعية لاتجاه ليبرالي، هذا الأمر الأخير الذي من الممكن أن يؤدي إليه حراك سياسي مقبل لأثرياء النظام وللصناعيين والتجار وقسم كبير من الفئات الوسطى بعيداً عن ليبرالية أولئك الماركسيين السابقين الذين يعانون من تخلع أيديولوجي بعد انهيار مركزهم العالمي السابق.
بغض النظر عن هذا، فإن اتجاه هؤلاء الماركسيين السابقين نحو الليبرالية قد خلق واقعاً سياسياً جديداً في سوريا، ما أدى إليه ذلك من تشقق التيار الماركسي والذي ظهرت ملامحه أخيراً عبر تأسيس حزب الشعب الديموقراطي من قبل اللاماركسيين في الحزب الشيوعي المكتب السياسي، فيما كان الماركسيون السابقون مسيطرين على لجان إحياء المجتمع المدني التي طغى مثقفوها على سطح الحراك السياسي السوري المعارض في الخمس سنوات الأخيرة.
أدى هذا التصدر السياسي إلى تعويم أطروحات ومناخات في الوسط السياسي السوري: انخفاض في منسوب العروبة وفلسطين ضمن خطاب هؤلاء، مع ميل إلى البحث عن وطنية سورية جديدة لا ترى مانعاً من حذف الهوية العربية عن اسم سورية لصالح الانسجام مع كونها لوحة فسيفسائية على حد تعبير الوثيقة التأسيسية لحركة النائب رياض سيف من دون الأخذ بالاعتبار واقع أن العرب والمسلمين يشكلون أكثر من تسعة أعشار السكان، الشيء الذي يترافق مع اقتراب الليبراليين الجدد من الأحزاب الكردية التي اتجهت مؤخراً إلى المعارضة بعد انفضاض تحالف البرزاني الطالباني مع السلطة السورية وتخلي الأخيرة عن أوجلان وحزبه، فيما نرى على الصعيد الفكري وراثة الليبراليين الجدد لكثير من أمراض اليسار السوري القديمة تجاه الدين والمشايخ لتتحول تلك اليسارية إلى علمانية مناضلة وإن كانت تفتقد هذه إلى الكثير من العمق الفلسفي لنقد اليسار للدين. إن قوة التيار الماركسي السوري، الذي كان أحد التيارات السياسية الرئيسية الثلاثة المتصدرة للسياسة السورية منذ الخمسينيات والذي يملك وزناً ثقافياً يفوق التيارات السياسية الأخرى، قد بدأت تتفكك وتضعف عبر هذه التطورات الأخيرة التي يجتمع فيها التشقق مع الانقلاب على الذات عند العديد من قواه وأفراده ورموزه، ما يؤشر إلى بداية انزياحات جديدة في الخريطة السياسية الجديدة، لصالح احتلال الليبرالية مكاناً رئيسياً في تلك الخريطة بعد أربعة عقود من الغياب وخاصة إن أفرزت القوى الاجتماعية السورية حركة ليبرالية جديدة، فيما تشير الاصطفافات إلى أن القوميين والإسلاميين والمحتفظين بماركسيتهم سيكونون في موقع مختلف ومتضاد (حتى بعد نشوء المشهد الديموقراطي السوري على إثر انتهاء مشهد ما بعد 8 آذار 1963) مع الليبرالين، المتحالفين مع الأحزاب الكردية، حيال مواضيع النظام العالمي الجديد وفلسطين والعراق وهوية سورية والقضايا الاقتصادية الاجتماعية.
(
) كاتب سوري

الدولة والنظام والسلطة: التعارضات والتناقضات

٢٠٠٥-٠٥-٣٠

الدولة والنظام والسلطة: التعارضات والتناقضات

المستقبل

دمشق ـ علي العبد الله(*)

تعيش سورية في ظل حالة اختلاط بين الدولة والنظام والسلطة. بين الدستور والقوانين والممارسة من جهة، وتداخل في المسؤوليات والأدوار من جهة ثانية، ترتبت على تعارض وتناقض بين الدستور والنظام السياسي والقوانين والمراسيم التشريعية، بين السياسات المتبعة واللحظة التاريخية الراهنة.
نشأ الاختلاط من سيطرة عقيدة سياسية على الدستور الدائم (أقر عام 1973). فالدستور الذي هو مجموعة من القواعد القانونية التي تحدد نظام الحكم وشكله، والذي يبين طبيعة النظام السياسي وهيئات الدولة وسلطاتها ووظائفها، وكيفية انبثاقها وحركية تغيرها وعلاقاتها بعضها بالبعض الآخر وعلاقاتها مع المواطنين، وحقوق المواطنين وواجباتهم، وضمانة لحريات الأفراد وحقوق الجماعات، وهذا يفرض أن تقوم الهيئة القضائية بحمايته من أي عبث، من هنا كان استقلال القضاء في الدولة أمر حيوي، تحول، عبر الباسه عقيدة سياسية، إلى هيكل لنظام سياسي محدد قائم على عقيدة قومية اشتراكية .
لقد اعتبر فقهاء القانون الدستور تجسيدا للدولة التي اعتبرت شخصا اعتباريا / معنويا تفوض، عبر القواعد الدستورية، الهيئات والأشخاص الطبيعيين القيام بالسلطة نيابة عنها من جهة، وتقيد تصرفات الهيئات والأشخاص الطبيعيين، عبر القواعد الدستورية ايضا، للحفاظ على كيان الدولة من جهة ثانية.
من هنا كان اصطباغ الدستور بعقيدة سياسية محددة ـ والتي جاءت في مقدمة الدستور واعتبرت جزءا منه ـ اعتداء على الدستور وتأسيساً لحالة الاختلاط بين النظام والدولة لصالح النظام، حيث للدولة طبيعتها ومنطقها ووظائفها والتي لا تتفق مع صبغها بلون عقائدي محدد لان ذلك ينطوي على إلغاء أهم خصائصها: العمومية. في حين يمكن أن يكون للنظام السياسي، الذي يدير الدولة لفترة زمنية محددة، عقيدة تحكم رؤيته السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتطبع خياراته وسياساته خلال فترة التفويض، التي يحصل عليها حزب ما عبر صناديق الاقتراع، لإدارة الدولة بناء على برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي طرحه هذا الحزب.
أسّس هذا التقييد العقائدي للدولة لسيطرة رؤية سياسية على الدولة وإلى إلغاء التعددية السياسية والتداول على السلطة وحرية الرأي والاجتهاد، وإلى تجاهل مكونات الشعب السوري القومية والاثنية. فالشعب السوري ملزم، وفق هذه العقيدة، بالانتماء إلى الأمة العربية (المادتان الثانية والثالثة) مع أن السوريين ليسوا كلهم عربا، حيث هناك أكراد وتركمان وأرمن وأشوريون وشركس ...الخ.
تسلل هذا الإلزام العقائدي إلى مواد الدستور وطبعها بلونه الخاص وقيد وظائف الهيئات والسلطات والأشخاص الطبيعيين بها، حيث غدا من مهام القوات المسلحة "حماية أهداف الثورة في الوحدة والحرية والاشتراكية" (المادة 11) وحددت المادة 13 النظام الاقتصادي ـ "الاقتصاد الاشتراكي"، وهدف التعليم "إنشاء جيل عربي قومي اشتراكي...وتحقيق أهداف أمته في الوحدة والحرية والاشتراكية" (المادة21) والثقافة القومية الاشتراكية "أساس بناء المجتمع العربي الاشتراكي الموحد" (المادة23). حتى الحريات العامة تحدد هدفها ـ "أن يسهم في الرقابة والنقد البناء بما يضمن سلامة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الاشتراكي" (المادة 38) وحددت المادة 83 بان يكون رئيس الجمهورية عربيا سوريا.
وهذا ما حَوّل الدستور من وعاء قانوني يحدد قواعد الحكم وشكل النظام والهيئات والسلطات التي تتمتع بها والأسس التي تضمن حقوق المواطنين إلى بيان سياسي يتعارض ويتناقض مع الأصول المتعارف عليها للدستور، وجعل مضمون المادة 8 "حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع والدولة، ويقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية" بمثابة تحصيل حاصل.
لقد قضت مقدمة الدستور على الدستور، وبالتالي على الدولة، بتركيب نظام عقائدي على الدولة وتحويل النظام إلى دولة والدولة إلى نظام، رغم التباين والتعارض بينهما إن في الطبيعة أوفي الوظيفة والدور.
في القسم الخاص بصلاحيات رئيس الجمهورية يبرز تناقض حاد وصارخ بين هذه الصلاحيات وبين النظام الحزبي القومي الاشتراكي وديمقراطيته الشعبية، حيث تقيم المواد الخاصة بذلك نظاما رئاسيا لرئيس الجمهورية فيه صلاحيات كبيرة، فمن صلاحياته: رئاسة السلطة التنفيذية، ووضع السياسة العامة للدولة بالتشاور مع رئيس الوزراء، وتعيين نواب الرئيس، وترؤس مجلس الوزراء، وإصدار قوانين يقرها مجلس الشعب، والاعتراض على القوانين التي يقرها مجلس الشعب خلال شهر، وإصدار المراسيم والقرارات والأوامر، وإعلان الحرب والتعبئة العامة ، وهو القائد الأعلى للجيش والقوات المسلحة ويصدر جميع القرارات والأوامر اللازمة لممارسة هذه السلطة وله حق التفويض ببعض هذه السلطات، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية وإلغائها وفقا لأحكام الدستور، وله الحق في إصدار العفو الخاص وإعادة الاعتبار، ومنح الأوسمة، واعتماد رؤساء البعثات السياسية، وحل مجلس الشعب، وحل مجلس الوزراء، ودعوة مجلس الوزراء لانعقاد استثنائي، وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين وإقالتهم، وإعداد مشاريع القوانين وإحالتها على مجلس الشعب ، وتولي سلطة التشريع خارج انعقاد دورات مجلس الشعب، وتولي سلطة التشريع أثناء انعقاد دورات مجلس الشعب إذا استدعت الحاجة ذلك، وتولي سلطة التشريع في المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين، وله أن يستفتي الشعب في القضايا الهامة، ومن صلاحياته إعلان حالة الطوارئ (المواد 93 ­ 114) وهو رئيس مجلس القضاء الأعلى ويعين المحكمة الدستورية العليا (المواد 132 و139 على التوالي)، وفوق ذلك "لا يكون مسؤولا عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى (المادة 91)، ناهيك عن أن الدستور الذي حدد مدة الدورة الرئاسية بسبع سنوات لم يحدد عدد الدورات التي يسمح لرئيس الجمهورية شغلها، وهذا يتناسب مع الشعارات التي غطت المرحلة السابقة ـ 3 عقود ـ "إلى الأبد إلى الأبد".
وهذا يثير سؤالا كبيرا :كيف اجتمع النظام القومي الاشتراكي بديمقراطيته الشعبية وصلاحيات رئيس جمهورية التي تفوق صلاحيات الملوك في دستور واحد؟.
أما إذا أضفنا الممارسة إلى المشهد وقيمنا الأوضاع فإننا سنكتشف حجم التعارض والتناقض الذي نعيش تحت وطأته، حيث سيبرز دور الأجهزة الأمنية القمعي، خاصة بعد العام 1979، واعتماد السلطة القوة العارية في التعامل مع المواطنين والقوى الوطنية المنظمة وتبني قاعدة السياسة امن، وتمتع هذه الأجهزة بالحماية بموجب المادة (16) من المرسوم التشريعي رقم (14) الصادر في15/1/1969 والتي نصها "لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة ـ إدارة المخابرات ـ عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهام الموكولة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر من المدير ـ مدير المخابرات ـ " سمحت لها بالتصرف بحياة المواطنين ومصالحهم والتحكم بمستقبلهم ومستقبل أولادهم . لقد تغولّت هذه الأجهزة ومارست كل أنواع الابتزاز والاستنزاف النفسي والوجداني، وكل أصناف القهر الجسدي والروحي.
وقاد طول فرض حالة الطوارئ والأحكام العرفية، وما شهدته الحياة اليومية من بطش مباشر، وضغط نفسي على المواطنين، ومن تركيز سياسي/ إعلامي على عقولهم بدءا من الطفولة المبكرة (الطلائع، الشبيبة، الحزب) والضخ السياسي اليومي عبر آلة الإعلام الكبيرة، ومركزة الحياة الوطنية حول القيادة، جرت عملية تهميش منهجي لكل الشخصيات الوطنية لحساب إبراز دور الرئيس، وقهر اقتصادي عبر إقامة تكتل من السلطة والحزب والمنظمات الشعبية لضبط إيقاع حياة المواطنين الاقتصادية وجعل لقمة عيشهم بيد قوى السلطة، كي تسيطر على ردود أفعالهم. وهذا رتب تنميط ردّ فعل المواطنين السياسي، وأفقدهم حماسهم وتحفزهم الوطني، بعد أن تلاشى الإحساس بالارتباط الذاتي الحر و تآكل الدافع الذاتي لطول إخراج المواطنين في مسيرات تنظمها السلطة بصورة قسرية.
ومع غياب القانون والمراقبة البرلمانية والمحاسبة القضائية ـ بسبب تغُوّل السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية ـ حصلت عملية نهب منظم للمال العام، بطرق وأساليب عديدة، وأفسح في المجال لممارسة عملية ابتزاز المواطنين من قبل أجهزة الأمن، في إطار مكافأة أو رشوة هذه الأجهزة على دورها في قمع المواطنين، وموظفي الدولة (شرطة السير، الشرطة البلدية، موظفي المالية والضرائب.....الخ) لتخليص السلطة من تحمل تبعات تدني رواتب العاملين في مؤسساتها وإلقاء حل تبعات ضعف رواتبهم على عاتق المواطنين الذين لا يجدون قوت يومهم. وهذا إلى جانب انهيار قواعد النظام الاقتصادي بفعل الفساد والنهب والتآكل، خاصة في ضوء سيطرة عدد محدود من أبناء المسؤولين وأقاربهم على الدورة الاقتصادية حيث لم تبق لصغار المستثمرين والتجار دور في الحياة الاقتصادية في البلاد، هذا كله قاد إلى إفقار قطاعات واسعة من المجتمع لم تعد تملك القدرة على تلبية مستلزمات حياة عادية بسيطة، فانقسم المجتمع بين أغلبية فقيرة وأقلية تلعب بالملايين ، وأدى التحول إلى نمط جديد من الاقتصاد يتناسب مع احتياجات قوى نافذة في النظام تسعى لتوظيف ما راكمته من مال الريع السياسي. فبينما يحاكَم المعارضون للسلطة بتهمة مقاومة أهداف الثورة فان رجالها لم يكفوا عن التحدث، على الضد من الدستور، عن اقتصاد السوق باعتباره رافعة الاقتصاد والتنمية.
كما أدت السياسة التمييزية التي ترافقت مع القمع السياسي والاجتماعي، إلى انكماش المشاعر الوطنية وإلى عودة المواطنين إلى مواقع ما قبل وطنية، مواقع طائفية وعشائرية وعائلية ومناطقية. وهذا قاد إلى انكماش المجال السياسي إلى حدود العصبيات القائمة على الانغلاق على الذات، ما رتب كبح وحجز التطور الاجتماعي وتحويل المجتمع الواحد إلى مجتمعات متصارعة تنفي بعضها بعضا، كما أدى الظلم الذي وقع على المواطنين الأكراد، إن في مسألة الحرمان من الجنسية أو مصادرة الأراضي لإقامة الحزام العربي، أو منع تسجيل ملكيات عقارية، والإبعاد عن الوظائف العامة وعرقلة تسجيل المواليد...الخ، إلى حصول انقسام عمودي عميق بين أبناء الوطن الواحد، تجسّد في تشكيلات سياسية خاصة، حيث لم يعد تواجد العرب والأكراد السوريين في حزب واحد أمرا ممكنا.
لقد تدمرت الحياة الوطنية وساد الصوت الواحد بإخراج السياسة من المجتمع، بعد ضرب كل تعبيراته المستقلة، ما أفقد الحياة الوطنية توازنها وحول الوطنية السورية إلى حالة هلامية مبهمة، أدّت بالسيد فاروق الشرع إلى السخرية من المعارضة قائلا: "إنها لا تستطيع إدارة مدرسة ابتدائية" دون أن ينتبه إلى أن ذلك نتيجة لممارسات السلطة وبعض بركاتها، وان هذا في التحليل الأخير دليل على ضعف السلطة نفسها.
تستدعي خبرات السنين الثلاثين الماضية ومستدعيات اللحظة السياسية إعادة نظر شاملة في الدستور على خلفية التخلص من سلبيات التجربة المرّة التي عاشتها سورية، وتلبية تطلعات المواطنين الذين طال انتظارهم وشوقهم لحياة حرة كريمة آمنة ومستقرة، والانسجام مع روح العصر الذي جعل الحرية والعدل والمساواة والديمقراطية سمته الرئيسه.
إن الاستجابة لهذه المستدعيات تفرض إجراء تعديل عميق وجوهري على الدستور الدائم يخلصه من التناقض والتعارض ويجعله أكثر انسجاما وتطابقا مع الاحتياجات الوطنية، تبدأ بتحريره من الرؤية العقائدية، وتخليصه من حالة الهجانة وتأمين اتساق داخلي بين مواده وبينه وبين العصر باسقاط فكرة الحزب القائد في الدولة والمجتمع باعتبارها من مخلفات عصر مضى ، وصياغته معبرا عن واقع الشعب السوري بكل مكوناته القومية والاثنية بصياغته على أسس وطنية سورية، وتحديد سلطات رئيس الجمهورية بما يتناسب مع مستدعيات الديمقراطية عبر تحديد عدد الدورات الرئاسية التي يحق له شغلها وطريقة ترشيحه إلى الرئاسة بفصلها عن الحزب الحاكم، بغض النظر عن من هو هذا الحزب الحاكم، وجعل الترشح عبر هيئة وطنية للانتخابات، وجعل نص الدستور منسجما مع روح العصر والواقع العملي بتكريس الفصل بين السلطات بشكل حقيقي وتحديد صلاحيات كل سلطة بما يتناسب وتحقيق حالة توازن بينها، وتغيير قانون انتخابات مجلس الشعب، بحيث تنتهي عملية تخصيص مقاعد لاحزاب الجبهة والتي حولت الانتخابات إلى انتخابات جزئية على 30 % من المقاعد، كي نتلافى إمكانية تغوّل سلطة على أخرى، تسمح بتحقيق حياة ديمقراطية.
إن انجاز هذا التغيير بداية ضرورية لإخراج البلاد من إسار مرحلة لم تجلب إلا القهر السياسي والاجتماعي والبوار الثقافي والخواء الروحي والمصاعب الحياتية المعيشية والخدمية.

(*) وصلتنا هذه المقالة قبل ان يتعرض الكاتب للاعتقال.

الافراج عن اعضاء منتدى الاتاسي للحوار في سوريا

الافراج عن اعضاء منتدى الاتاسي للحوار في سوريا

نقلت وكالة الانباء السورية عن مصدر اعلامي انه تم اليوم الاثنين الافراج عن جميع اعضاء منتدى الاتاسي للحوار في سوريا الذين كانوا اعتقلوا يوم الثلاثاء الماضي في دمشق.وقالت الوكالة ان الافراج حصل بعد انتهاء التحقيقات معهم بسبب مخالفة القوانين والانظمة المتعلقة بنشاط بعض الحركات المحظورة في سوريا. ولم تعط ايضاحات اخرى

وكانت اجهزة الامن السورية اعتقلت فجر الثلاثاء الماضي جميع اعضاء المنتدى الاتاسي الذي كان المنبر الوحيد الذي يعقد ندوات سياسية، لانهمقاموا بترويج افكار جماعة الاخوان المسلمين المحظورة في مقر منتدى الاتاسي خلافا للانظمة والقوانين المعمول بها في سوريا، بحسب ما افاد مصدر اعلامي لوكالة فرانس برس.

يشار الى ان منتدى الاتاسي كان الوحيد بين المنتديات التي ظهرت خلال "ربيع دمشق" عقب تسلم الرئيس السوري بشار الاسد السلطة عام 2000، الذي استمر في نشاطه بعد اغلاق السلطات المنتديات الاخرى.

أ ف ب

مصادر سورية لـ «البيان»: تصريحات رفعت الأسد دليل ضعف وعزلة

مصادر سورية لـ «البيان»: تصريحات رفعت الأسد دليل ضعف وعزلة

اعتبرت مصادر سورية مطلعة أن تصريحات نائب الرئيس السوري الأسبق رفعت الأسد لوكالة «اسوشيتدبرس» دليل ضعف وليس قوة كما أراد أن توحي بذلك كلماته. واستغربت المصادر توقيت التصريحات «التي تأتي متزامنة مع اشتداد التهديدات الأميركية ضد سوريا ومحاولات تحييد دورها الإقليمي».

فيما أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن تحرك عربي قريب لتخفيف الضغوط الغربية عن سوريا.وقالت المصادر: « أخطأ رفعت في تصريحاته ثلاث مرات: مرة عندما شكك بقيادة الرئيس بشار الأسد، والثانية عندما طالب بفتح قناة حوار مع الأميركيين، والثالثة عندما عرض موافقته على عقد معاهدة سلام مع إسرائيل».

وأكدت أن الرئيس بشار الأسد يمسك بزمام الأمور في سوريا، مشيرة إلى أن «ما يقال خلاف ذلك يصب في خدمة أعداء سوريا» و«أن الشعب السوري ملتف حول قيادة الرئيس الأسد ومؤمن بحقيقة توجهاته الإصلاحية التدريجية».

وأشارت المصادر إلى أن تاريخ رفعت لا يشجع السوريين على تصديق ما يطرحه من برامج إصلاحية، فهناك إجماع على رفضه، ورفض مجرد تذكر الحقبة التي كان فاعلاً فيها.

ولفتت المصادر إلى أن غياب نائب الرئيس السوري الأسبق عن البلاد ما يقارب العقدين من الزمن قطعت صلاته بالواقع السوري الجديد والذي يتطور بسرعة كبيرة على جميع المستويات. وقالت «إن رفعت يخفي بتصريحاته حالة الضعف والعزلة التي يعيشها فلو كان قوياً كما يقول فلماذا يطلب العودة من مسؤولين سوريين (كما قال) ولماذا لا يأتي لكي يرى بأم عينيه شعبيته الحقيقية على الأرض؟!».

وقد فجرت تصريحات رفعت الأسد في الأيام الأخيرة ردود فعل متباينة لدى الشارع السوري، الذي أجمعت آراؤه على رفض عودة رفعت للعب دور سياسي فيما رحب به البعض كمواطن عادي يحق له العودة إلى بلده.

وكانت مصادر سورية متطابقة قد ذكرت أن رفعت مطلوب للقضاء السوري بتهم شتى وأن عليه مواجهة القضاء في حال عودته.من ناحية أخرى أعلن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى امس في دمشق بعد اجتماع مع الرئيس الأسد أن «هناك تحركا عربيا على مستوى الجامعة لتخفيف الضغوط على سوريا».

وصرح موسى للصحافيين انه بحث مع الرئيس السوري في «احتمالات تنشيط عملية السلام بالاضافة الى موضوع الاصلاح لأنه مهم لدينا جميعا». وأكد أن «الضغوط الأميركية ليست على سوريا فقط بل موجودة بالنسبة للمنطقة كلها وهناك تحرك عربي على مستوى الجامعة لتخفيف الضغوط على سوريا وتدارس الوضع العربي كله»، مضيفاً ان «التشاور والتنسيق مهم لمواجهة التحديات القائمة».

واستبعد موسى «أن يكون هناك ضربة عسكرية (محتملة) من أميركا لسوريا وارجو الا يكون مطروحا». ونفى بحثه قضية اعتقال نشطاء حقوق الانسان من منتدى الاتاسي في دمشق كما نفى أن يكون حاملاً أي رسالة من رئيس وزراء العراق ابراهيم الجعفري لسوريا.

وغادر موسى برفقة وزير الخارجية السوري فاروق الشرع بعد ظهر أمس لحضور اجتماع الشراكة المتوسطية الاوروبية في لوكسمبورغ اليوم الاثنين.

دمشق ـ تيسير أحمد

البيان